لماذا لا تُنصر غزة؟

 Published On Nov 16, 2019

لماذا لا تُنصر غزة؟
السلام عليكم. أيها الكرام
جاءني تساؤل من أحد المتابعين ملخصه في 3 نقاط
1. لماذا لا يمنع الله الظلم؟
2. أين النصر؟
3. هل اليهود أحسن من المسلمين ولذلك ينتصرون عليهم؟
ونجيب على هذه الأسئلة كالتالي:
أولاً: لما تتساءل أين الله عن الظلم الحاصل؟ أسألك: هل الله تعالى وعد وعداً وأخلفه؟ هل قال لك أن هذه الدنيا دار جزاء فلا بد أن ينصف فيها المظلوم من الظالم؟ ألم تقرأ سورة البروج؟ أناس آمنوا فحفر لهم الكفار الأخدود وحرقوهم أحياء حتى الموت، ومع ذلك قال الله تعالى في هؤلاء المؤمنين: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير).
(الفوز الكبير)..فالذين يموتون على الطاعة فائزون، بل فوزا كبيرا..أراد عدوهم صدهم عن دينهم فما استطاع، فلم يملك إلا قتلهم، فقُتلوا، لكن بعد أن انتصروا عليه بكسر إرادته وتفشيل كيده.
إذا هذا الكلام لا يقنعك فهذه مشكلتك، أنك لا تريد التسليم بحقيقة أن هذه الدنيا دار بلاء لا دار جزاء، وأنك لا تريد التسليم بمركزية الدار الآخرة في حياة المؤمن.
أنت ترفض هذه الحقائق هذه مشكلتك فأعد فهمك للإسلام، لكن لا تتكلم عن رب العزة وكأنه وعد فأخلف حاشاه، بل هو سبحانه القائل: (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
غريب جدا أن تكون مسلماً ثم تتكلم وكأن قصص الظلم تنتهي في هذه الحياة الدنيا ثم يصير الظالم والمظلوم ترابا ولا معاد ولا حساب ! أين الدار الآخرة من حساباتك؟ أين قول الله: (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة)؟ هل وعد الله بألا يبتلي؟ بل وعد بأن يبتلي فقال: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور).
وقال تعالى: (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض).
- أهل غزة يصبرهم الله وأنت هنا في مكانك تتشكك؟! هم يعانون ونرى مع ذلك رحمة الله في تثبيتهم وأنت تتفرج ولا تعاني مثلهم ومع ذلك يهتز إيمانك؟!
- طيب انخلعت من إيمانك، بماذا نفعت إخوانك؟ لا شيء..بل تصبح هما جديدا وطعنة جديدة في ظهر أمتك...بينما إن انشغلت في مشروع تصلح به في أمتك وتضمد جراحها بالدعوة وإحياء روح العزة فإنك تنصرهم وتنصر المستضعفين ولو بعد حين.
- الحمد لله هناك إخوة يتابعونني من غزة، وأطفال شاركوا في مسابقات القرآن التي عملناها من غزة. وأنا أتقرب إلى الله بتحبيب دينهم إليهم حتى يبقوا ثابتين إلى أن يلقوا ربهم راضيا عنهم بإذنه سبحانه. وأساله سبحانه أن يعيننا على نصرهم ورفع البلاء عنهم وعن أمة الإسلام.
- فيا من تهتم لإخوانك في غزة، انشغل بنفعهم ونفع المستضعفين، لا بالاعتراض على رب العالمين لأنك ما فهمت دينه ولا سلمت لحقيقة أن الدنيا دار بلاء لا دار جزاء.
ثانياً: أين النصر؟ لماذا لا يُنصر المسلمون في غزة؟
ينصرون على من؟ على الصهاينة؟ الصهاينة ما هم إلا وكلاء ممثلون لأعداء المسلمين. وإلا فأهل غزة هم في حرب مع النظام الدولي وصهاينة العرب..وكذلك الحرب في كل مكان يضطهد فيه المسلمون.
قال الله تعالى: ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة )...يعني قاتلوهم مجتمعين كما يقاتلونكم هم مجتمعين. حينئذ أي نعم سيتنزل النصر ، وسنرى مصداق: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). هذه حرب إيمان وكفر ونفاق لا تنوب فيها غزة ولا غير غزة عن الأمة المسلمة.
طيب يعني يدفع أهل غزة الثمن عن تخاذل المسلمين؟ وأين (ولا تزر وازرة وزر أخرى)؟
بل نقول: من مات من أهل غزة على الإيمان فإن الله اصطفاه (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140))
المؤمن الذي يقتل في سبيل الله ينال أجره كاملاً وافياً غير منقوص، بل ويكرمه الله ويتفضل عليه.
لكن باقي الأمة ليست مؤهلة للنصر حتى تجازى به.
الأمة لم تتعامل مع حقيقة أنها في حرب إيمان وكفر حتى تستحق النصر.
النصر له أسباب بيناها في كلمة (هل نحن قريبون من النصر). ونحن كمسلمين لم نأخذ بشيء من أسباب هذا النصر. وإن كنا نتعذر دوماً بأن الأمر ليس بيدنا وبأن المتسلطين علينا المتحكمين في بلادنا لا يخافون الله فوالله ما نفعله نحن كمسلمين بأنفسنا أسوأ مما يفعله أعداء
الداخل والخارج بنا.

النصر له أسباب لم نأخذ بها، لا كأمة، ولا كأهل غزة، على ما في الأمة وفي غزة وغيرها من خير، فينا الصالحون وفينا وفيها دون ذلك. لكن هناك أسباب للنصر وهناك موانع..ولا الأسباب مأخوذ بها ولا الموانع متجنبة. فمن قتل على الإيمان، ومن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، دون تخليط..دون تخليط في هذا المقصد...هذا موعود من الله بأجر الشهداء، أما الأمة فلم تتأهل للنصر بعد.
بل وكثير ممن يقول أين نصر الله تراه هو نفسه عوناً لأعداء الإسلام، يعين الظالمين وينافقهم طمعاً في المال والجاه..يهمل تربية أولاده فينشأون بلا عقيدة ولا عزة ولا نخوة ويصبحون أدوات بيد أعداء الإسلام، لا يتقن عمله فيزيد المسلمين فقراً وجهلاً. ثم بعد ذلك يقول: (أين نصر الله؟!) عجيب واللهِ!
كم قلت أمراض البلاد وأنت من أمراضها
والشؤم علتها فهل فتشت عن أعراضها
يا من حملت الفأس يهدمها على أنقاضها
اقعد فما أنت الذي يسعى إلى إنهاضها
وانظر بعينيك الذئاب تعب في أحواضها


نسأل الله أن يرحم إخواننا في غزة وسائرَ المستضعفين من المسلمين، وأن يثبتهم على الإيمان ويهدي قلوبهم ويجمعهم على كلمة التقوى ويعنيننا والمسلمين على نصرتهم.
والسلام عليكم ورحمة الله.


الصفحة الشخصية على الفيس بوك
  / eyadqunaibi  

الحساب على التويتر
@Dr_EyadQun

show more

Share/Embed