إنّ سرَّ الوقوف بعرفة، يكمن في أنّ الحاجّ عندما يرى اجتماع الخلق على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وطوائفهم وسعيهم، أن يذكر ازدحام الخلق يوم القيامة، فيُخلِصُ النيّة، ويَبتهل الى الله بقلبٍ خاشع، ونفس خاضعة.

ليوم عرفة فضائل عديدة، فانه يوم للإقرار بالذنوب: و إنّ الإقرار بالذنب يستبطن العبوديّة لله، والاعتراف بالتقصير، والخروجِ عن الصراط المستقيم. فعن الإمام محمد الباقر عليه السلام: لا واللهِ ما أرادَ اللهُ مِنَ العبدِ إلّا خُصْلَتَيْنِ: أَنْ يُقِرُّوا بِالنِّعَمِ فَيِزيدَهُمْ، وَبِالذُّنوبِ فَيَغْفُرها لَهُمْ
وعنه عليه السلام: "واللهِ ما يَنْجو مِنَ الذّنْبِ إلّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ

و يوم عرفة هو يوم للتوبة والاستغفار وقد ورد في الروايات، أنّ وجه تسمية صحراء عرفات بهذا الاسم، يعود إلى أنّ آدم اعترف فيها بذنبه، وتاب إلى ربّه، واستغفره فتاب عليه.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يفرحُ بتوبةِ
عبدِهِ المؤمنِ إِذا تابَ, كَما يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِضالَّتِهِ إِذا وَجَدَها"
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "التَائِبُ مِنَ الذّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ"6.

وعن الإمام علي ابن موسى الرّضا عليه السلام: قال: "كان أبو جعفرٍ عليه السلام يقولُ: ما مِنْ بِرٍّ وَلا فاجِرٍ يَقِفُ بِجِبالِ عَرَفاتُ فَيَدْعو اللهَ إلّا اسْتَجابَ اللهُ لَهُ، أَمّا البِرُّ فَفِي حَوائِجِ الدّنْيا وَالآخِرَةِ، وَأَمّا الفاجِرُ فَفي أَمْرِ الدُّنْيا"

وعن أبي عبد الله عليه السلام عندما سُئِلَ أيُّ أَهلِ عرفاتَ أعظمُ جُرْماً؟، قال: المُنْصَرِفُ من عرفاتَ وَهَوَ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يْغَفْرَ لَهُ
عن الإمام عليّ عليه السلام: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: العُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفّارَةُ ما بَيْنَهُما، والحجَّةُ المُتَقَبَّلَةُ ثَوَابُها الجنّة، وَمِنَ الذُّنوبِ ذُنوبٌ لا تُغْفَرُ إلّا بِعَرفاتَ".